الخميس، ٨ نوفمبر ٢٠٠٧

رحلة إلى عالم أمير الصحراء

هو رجل يعرفه الكثير منا فقد أصبح تحت الأضواء في السنوات الاخيرة بسبب اختياره كأغني خامس شخص في العالم، وربما نعرفه بسبب امتلاكه لاحدى اشهر المحطات الفضائية العربية وهي مجموعة "روتانا"، كان هذا هو أهم او ربما الشئ الوحيد الذي نعرفه عنه ثم جاء الكتاب الذي يروي قصة حياته ليقلب كافة الموازين لنكتشف العديد والعديد من جوانب هذه الشخصية الثرية ليست فقط بأموالها ولكن بعقليتها وطموحها وتجاربها وخبرتها وأيضا الصورة التي تنقلها عن رجال الأعمال العرب بالخارج؛ إنه " الوليد : الملياردير – رجل الأعمال – الأمير".
يعد هذا الكتاب بمثابة رحلة شيقة وممتعة في نفس الوقت ينقلنا إلى عالم إحدى أشهر الشخصيات في عالمنا العربي ليصور لنا حياته اليومية ونشأته وطفولته وأفراد عائلته وأيضا ينقلنا إلى عالم المال والأعمال والصفقات المثير الذي لا تخلو منه حياته.

ربما قد تتعجب أو تتملكك الحيرة والدهشة عند مطالعتك لعنوان الكتاب للوهلة الأولى وهو " الوليد : الملياردير – رجل الأعمال – الأمير"؛ فقد جاء وصفه بالملياردير ورجل الاعمال ثم في النهاية جاء لقب الأمير الذي قد يتفاخر به كل من يحمله ويجعل الكثيرين يقولوا بأنه من الأولى وضع لقب الأمير قبل الملياردير ورجل الاعمال؛ ولكن لا يتركنا الكتاب في حيرتنا كثيرا وسرعان ما تأتينا الاجابة في الصفحات الأولى منه فيبرر مؤلف الكتاب "ريز خان" تسميته للكتاب بهذا الاسم بأن الوقت الذي أمضاه مع الوليد هو الذي اوحى له بعنوان الكتاب أيضا فيقول" لقد ادركت ان اسمه "الوليد" وهو صيغة التعريف التكريمية لاسم وليد الذي يحمله أصبح نوعا من اسم خاص به، فعندما يذكر اسم "الوليد" أمام معظم العرب يفترضون بصورة تلقائية أنه الامير الوليد بن طلال، ولكن سرعان ما لاحظت شدة تركيزه كرجل أعمال، ومقدار الدور المركزي الذي يلعبه العمل في حياته، وأن ارتقائه ليصبح مليارديرا نتج عن صفقات الأعمال التي عقدها، كما أن مكانته الملكية ليست سوى أمر عارض في كل ما يتصل بالأعمال من حوله فقد أفادت الكتب قبل عشر سنوات ان هناك أكثر من 5000 أمير في العائلة المالكة السعودية ولكن من منهم استطاع أن يصل الى ما حققه الوليد فانتمائه إلى العائلة المالكة قد منحه الصلات والمكانة دون شك ولكن كان عليه مع ذلك أن يجد في العمل، ومن ثم جاء التسلسل التالي"ملياردير" و "رجل أعمال" و"أمير" في عنوان الكتاب".

يبدأ الكتاب في فصله الأول وعلى غير المعتاد فبدلا من البداية بالحديث عن نشأته فضل الكاتب بدايته بالحديث عن احدى أهم الأحداث في حياة الأمير والتي عرفت العالم به بشكل واسع ووضعته تحت الأضواء لأسابيع متتالية بسبب موقفه بعد حدوث هجمات 11 سبتمبر 2001 على برجي "مركز التجارة العالمي" بالولايات المتحدة الأمريكية، فقام "جولياني" عمدة نيويورك بدعوة الأمير إلى حضور حفل تذكاري بمناسبة مرور شهر على الهجمات في موقع الحدث في التاسعة من صباح يوم 11 أكتوبر 2001، فجمع الأمير فريق سفره على عجل وأجرى الترتيبات للانتقال الى نيويورك على متن طائرته الخاصة للقيام بزيارة قصيرة لإظهار التضامن مع سكان نيويورك وتقديم العزاء لهم ومعه شيكا بمبلغ 10ملايين دولار مساهمة في صندوق ضحايا برجي مركز التجارة العالمي، وظن الأمير ان من الحكمة الإجابة على كثير من الأسئلة التي قد تطرحها وسائل الاعلام عن الزيارة عن طريق الادلاء ببيان صحفي، ولكن جاءت الصدمة فيما بعد أن رأت المجموعة المحيطة بجولياني أن ثمة سطرا غير مقبول ورد في البيان الصحفي عن السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط؛ فصدر بيان عن مكتب العمدة يرفض قبول المال، وعلى الرغم من أن البيان الصحفي الذي أدلى به الوليد يصف هجمات 11 سبتمبر بأنها "جريمة نكراء" لكنه أضاف ملاحظة أزعجت العمدة عندما قال "أعتقد بأن على حكومة الولايات المتحدة الأمريكية أن تعيد النظر في سياساتها المتبعة في الشرق الأوسط وأن تتبنى موقفا أكثر توازنا من القضية الفلسطينية".
وقال جولياني أن رد فعله الأول كان إرجاع المال إلى صاحبه وكتب قائلا: "لقد كان تبرير الهجمات على مركز التجارة أو حتى جعلها أمرا مفهوما بمثابة وجهة نظر لا يسعني قبولها".

وولد رد الفعل على هذا الحدث ردودا مختلطة من الناس حتى في الشرق الأوسط فقد اعتقد البعض أنه لم يجدر بالأمير أصلا الذهاب إلى الولايات المتحدة حاملا بيده شيكا في حين رأى أخرون أن بادرة المساهمة في صندوق ضحايا برجي التجارة كانت فكرة عظيمة وإظهارا مفهوما للتعاطف والتضامن من جانب العالم العربي.

لكن الدرس الذي تعلمه الوليد من هذه الحادثة هو أن سوء السمعة قد يكون مفيدا ورب ضارة نافعة فقد اكتشف أن التعبير عن الرأي بصراحة يجعل المرء موضع اهتمام حتى لو لم يكن الجميع سعداء بما قيل ولماذا قيل؟ وهو يقول إن عليه أن يشكر العمدة رودولف جولياني بسبب ذيوع شهرته على الصعيد الدولي: "
ففجأة عرف الجميع من هو الوليد...وأخذ الناس يتساءلون من هو رجل الأعمال السعودي هذا، وعضو العائلة المالكة الذي يأتي حاملا تبرعا كبيرا ويرد تبرعه، لقد أسداني جولياني خدمة جليلة في الواقع"

ثم يبدأ التسلسل الطبيعي لحياة الوليد من الفصل التاني للكتاب عندما يتناول نشأته وبداياته، بداية من زواج الأمير "طلال بن عبد العزيز آل سعود" أحد أبناء "الملك عبد العزيز" عاهل الملكة العربية السعودية من الآنسة
"
منى الصلح" كريمة رئيس حكومة لبنان "رياض الصلح" إلى أن انهار هذا الزواج وتم الطلاق بينهما في عام 1968، وخلف ذلك ثلاثة أطفال يتنقلون جيئة وذهابا عبر بلدين مختلفين جدا؛ أول هؤلاء الأطفال الولد الصغير "الوليد" الذي تابع التنقل بكثرة، وولد في الرياض في 7 مارس 1955 وكان في السابعة فقط عندما بدأ انهيار زواج والداه وذهب للعيش مع أمه في بيروت، فيما امضى شقيقه الأصغر "خالد" وشقيقته "ريما" معظم وقتهما مع والدهما في الرياض.
وقد يكون القدر قد شاء ولعب دوره لينشأ الوليد في ظروف فريدة من نوعها مما كان له أكبر التأثير على شخصيته فيما بعد؛ فقد شهد الأمير تجربة العيش في بلدين مختلفتين جدا: لبنان، حيث أمضى جانبا كبيرا من حياته المبكرة مع أمه وأسرتها، والمملكة العربية السعودية حيث كان يمضي الإجازات، فتأثر بالاختلافات الثقافية بين البلدين التي كان عليه أن يتكيف معها بشكل متواصل ومن ثم يجمع بين ثقافتين مختلفتين وطريقتين مختلفتين في التفكير وعقليتين مختلفتين وكان من الصعب جدا أن يكون لبنانيا وسعوديا في آن واحد معا وأن يجعل اللبنانيين يشعرون بأنه لبناني وأن يجعل السعوديين يشعرون بأنه سعودي وهو ما أثر عليه وجعله قادرا على فهم البلدان المختلفة، لأن لبنان مجتمع متنوع يضم ثقافات مختلفة مسلمين ومسيحيين وأشخاصا متفتحين يتحدثون لغات مختلفة مما أحدث تغييرا لدى الوليد ومنحه شخصية فريدة تختلف عن أي شخصية أخرى في المملكة فأصبح شخص يتمكن من استيعاب الثقافات المختلفة.
وأخذ الوليد يكتسب المزيد من الثقة بهويته الذاتية، فكان معجبا جدا بجديه لأمه وأبيه ولا يزال الأمير الوليد يجل هاتين الشخصيتين الكبيرتين في عائلته فيقول: "اذا سألتني من هو المثال الذي تقتدي به في حياتك، أقول لك جدي عبد العزيز في المملكة العربية السعودية، وجدي رياض الصلح في لبنان، فأنا شديد التعلق بهما والاحترام لشخصيتهما ودورهما التاريخي رغم انني لم التق أيا منهما.
وبدأت حياة الوليد تأخذ منحى أخر أكثر جدية لتبدأ حياة العمل والكفاح؛ فقد غادر الوليد الشرق الأوسط في عام 1975 شابا متمردا وغير منضبط نسبيا، ليعود إلى المملكة العربية السعودية في عام 1979 شخصا مختلفا تماما فقد تزوج وأنجب ابنه الأول "خالد" ونجح في امتحانات الجامعة بتفوق

بداية الرحلة
تبدأ نقطة التغيير في حياة الوليد عندما أدرك التغيرات الجذرية التي تمر بها المملكة العربية السعودية في السبعينات حيث بدأ النفط صياغة اقتصاد المملكة الصحراوية التي تمتلك أكبر الاحتياطات المعروفة في العالم وسرعان ما أصبحت أكبر البلدان المنتجة والمصدرة له قاطبة، ولم يكن الوليد وهو شاب متحمس ومصمم على النجاح ليترك هذه الفرصة تفوته، فقد كان يتحرق شوقا للعودة إلى وطنه للاستفادة ما امكن من بيئة الأعمال المزدهرة هناك؛ فسرع الأمير خطى دراسته بكلية منلو وتمكن من انهائها قبل الموعد بسنة.

وعندما رجع الوليد إلى الرياض وجد إمكانات لا حصر لها هناك وأن بوسع كل من يمتلك الحس الصحيح لممارسة الأعمال النجاح في هذه البيئة حتى لو لم يكن لديه رأسمال كبير.
يقول الوليد إنه بدأ بمبلغ 30000 دولار قدمها له والده، وكان كافيا لأن يؤسس شركته "مؤسسة المملكة" في سنة 1980 بعد مرور بضعة أشهر على وصوله للمملكة العربية السعودية، وإلى جانب هذا المبلغ حصل الامير من والده على المكان الذي يباشر منه أعماله ويعود الأمير بذاكرته للوراء فيقول
:"أعطاني مكتبا صغيرا يتكون من أربع غرف؛ إحداها غرفتي والثانية لسكرتيري والثالثة للمدير والرابعة كانت مطبخا، كانت البداية صعبة جدا، وقد نفد منا المال في غضون شهرين أو ثلاثة، لذا اضطررت إلى اللجوء إلى مصرف "سيتي بنك" وطلبت منهم قرضا فمنحوني مليون ريال، ومن المفارقة انني بعد مرور عقد من الزمن (في سنة 1991) أنقذت البنك نفسه عندما استثمرت فيه ما يقرب من 600 مليون دولار!!!!".

وهكذا بدأ الأمير ب 30000 دولار ليصل إلى أكثر من 20 مليار دولار في 25 سنة فحسب!!، أليس ذلك مستحيلا؟ ولكن يبدو أنه لايوجد شيئا مستحيلا مع الأمير الوليد بن طلال.

ورغم نجاح الاستثمارات الأمير الوليد في العقارات والبناء في المملكة العربية السعودية في الثمانينيات، إلا أنه يعرف أن عليه القفز إلى مستوى آخر إذا أراد أن يكون لاعبا فاعلا، ممن يصنعون الأسواق وليس ممن يتأثرون بها فحسب، وباتباع المبدأ الأساسي الذي يرى أن البنوك هي عيون الاقتصاد، بدأالوليد يجري أبحاثا في قطاع المصارف في المملكة فيقول عن تلك المرحلة:" تلك كانت نقطة التحول في سيرتي المهنية فقد أردت أن أدخل إلى قلب عالم المال والأعمال والوصول إلى أحد البنوك".
ومن هنا يبحر بنا الكتاب إلى عالم أعمال الوليد بن طلال ليعرفنا عن شركاته ومجموعاته وكيفية إدارته لعمله والسيطرة عليه، فبدأ بشراء "البنك السعودي التجاري المتحد" الذي كان على حافة الانهيار وأعاد تأهيله واصلاحه، ثم أصبح مستعدا للاقدام على مغامرته الثانية فكان "بنك القاهرة السعودي"، وهنا أدخل الوليد ألية عمل جديدة لم تكن مألوفة في الشرق الأوسط حتى ذلك التاريخ وهي "الاندماج" فقام بدمج البنكين ونتج عنهما "البنك السعودي المتحد" الذي سرعان ما تبين أنه مشروع ناجح جدا واستثمار حكيم من قبل الوليد.
وفي هذه الأثناء بدأ تأثير الذكاء المالي يظهر وأخذ الأمير يرى فرصة في قطاعات أخرى، ومن المجالات التي استحوذت على اهتمامه الأغذية والماشية، فوسع امبراطوريته لتشمل حصص أغلبية في إحدى أكبر سلاسل المتاجر الكبرى في المملكة "العزيزية بنده" التي اندمجت لاحقا هي الأخرى مع مجموعة كبيرة وهي "صافولا"، كما اشترى شركة التصنيع الوطنية المساهمة المتخصصة في الاستثمار الصناعي، وكان الوليد يتمدد على على كل الجبهات الآن، ولكن بعد إجراء دراسة معمقة للظروف السائدة شعر بأن هناك اندماجا مصرفيا آخر يمكن تحقيقه؛ وهو "البنك السعودي الأمريكي سامبا"، فجاء الاندماج الثاني بين البنك السعودي المتحد والبنك السعودي الأمريكي عام 1999 ليؤكد على نجاح الأمير ومواصلة مسيرته.

الأمير ينقذ سيتي بنك
ثم جاءت الخبطة أو الصفقة الكبرى في حياة أمير الصحراء، تلك الصفقة التي استثمر فيها بضع مئات من ملايين الدولارات فتحولت إلى بضعة مليارات؛ عندما أحس الوليد أن احدى أقوى المؤسسات المالية في العالم وهي "سيتي كورب" على وشك الانهيار والسقوط ، ومرة أخرى تؤول الأمور إلى الذكاء المالي وذلك ما يتميز به الأمير، وعلى الرغم من تحذير معظم المحيطين به من هذه الصفقة وبما فيهم والده الذي نبهه إلى أن سيتي بنك قد يكون على شفير الإفلاس إلا أن الأمير قبل التحدي والمغامرة كعادته، ونظرا لأن مستقبل سيتي بنك كان معرضا للخطر الشديد لم يكن أحد يستطيع النقاش طويلا مع رجل يحمل شيكا بمبلغ 600 مليون دولار وأنجزت الصفقة وشعر الأمير والبنك بالسعادة، ومازال يعلن على الملأ بأن مجموعة سيتي هي درة استثماراته حيث ترتبط بها نصف ثروته تقريبا ويقول إنه لن يبيعها قط، فهذه الصفقة لم تحقق له الربح فقط ولكنها وضعت الوليد على الخريطة بحكم حجمها وتاريخ البنك المهني؛ فقد نقلته من شخصية غير معروفة في المجتمع الدولي إلى شخصية معروفة جدا، وأصبح أكبر مساهم في أكبر مؤسسة مالية في الولايات المتحدة، ولعل الأهم من ذلك أن هذه الصفقة أعطت الأمير مصداقية على المسرح الدولي ومن هنا تمكن من استهداف شركات عالمية أخرى لا سيما أنه حقق سمعة بالالتزام بارتباطاته.
وتفتح صفقة سيتي بنك الباب على مصراعيه أمام استثمارات الوليد بن طلال، والتي يمكن تقسيمها إلى ما يراه استثمارات من مقره في السعودية وتشمل السوق السعودية والشرق أوسطية، والاستثمارات الدولية والتي يمكن تقسيمها إلى استثمارات أساسية واستثمارات غير أساسية.
وعند تقديم عرض مجمل جدا يمكن رؤية ان الاستثمارات الدولية الأساسية تتركز حول المصارف والفنادق ووسائل الاعلام والعقارات والتكنولوجيا حيث يشمل الفاعلون البارزون:
مجموعة سيتي ومعها سيتي بنك
فنادق فور سيزونز ويتبعها فندق جورج الخامس بالعاصمة الفرنسية باريس الذي راهن الوليد على شرائه وإعادة إنشائه على الرغم من إعتراض مدير مجموعة فورسيزونز في البداية ولكن أصر الوليد على رأيه ليعيد مجد وتاريخ واحد من أشهر وأرقى الفنادق في العالم
فنادق فيرمونت بأمريكا الشمالية
فنادق موفنبيك
ومن وسائل الاعلام مجموعة "نيوز كوربريشن" لصاحبها إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ
ومن وسائل التكنولوجيا الحديثة وعالم الانترنت "تايم وارنر وأمريكا أون لاين"، وأبل كمبيوترز
ومن الوسائل الترفيهية "يورو ديزني" في العاصمة الفرنسية باريس
دار "ساكس فيفث أفنيو" للأزياء في نيويورك
مجموعة "كناري وارف" بلندن
وفي عالم الاتصالات شركة موتورولا
وتشمل الاستثمارات غير الأساسية بلانت هوليوود واستثمارات في كوريا

وتنقسم الاستثمارات من المقر الرئيسي في السعودية إلى حيازات خاصة وحيازات عامة: تتركز الحيازات الخاصة بمعظمها على مشاريع شركة "المملكة"، واستثمارات برج المملكة ومركز المملكة للتسوق ومستشفى المملكة ومدينة المملكة (مجمع سكني) ومدرسة المملكة وفندق فور سيزونز في مركز المملكة، وتشمل الحيازات العامة المصارف ووسائل الاعلام والعقارات والانشاءات والأغذية والزراعة والفنادق، وتضم الأسماء التجارية تحت تلك الفئة مجموعة قنوات "روتانا" الفضائية وشركة روتانا للإنتاج الفني ومجموعة "صافولا" و"البنك السعودي الأمريكي
"سامبا" و"شركة التصنيع الوطنية

حياته الشخصية
ولا يتركنا الكتاب كثيرا في عالم أعمال وصفقات الوليد المتشعب إذ لابد أن ينتقل بنا إلى منحى آخر من حياته وهي حياته الشخصية وعائلته التي على الرغم من انشغاله إلا أنه يوليها الاهتمام الدائم، وتتركز حياته الآن حول ابنه "خالد" وابنته "ريم" ونلاحظ انهما يحملان نفس اسمي شقيق وشقيقة الوليد الأصغر منه، ويشعر الأمير بأنه تمكن من بناء الثقة بالسماح بالتفاعل فيما بينهم بطريقة مسترخية وناضجة ويعلق على ذلك قائلا
:"من المهم جدا بالنسبة إلي أن أكون على علاقة وثيقة بابني وابنتي فهي تقوم على الصداقة الآن بعد أن تجاوزا العشرين انني امنحهما الكثير من حرية التصرف في عمل ما يريدانه لانني اعتقد انهما يمتلكان الأساس الذي بنيت عليه الصداقة معهما في العقدين الماضيين.

الزواج من العمل
"وراء كل رجل عظيم امرأة" ربما لا تنطبق هذه المقولة كثيرا على الأمير الوليد بن طلال، ويبدو انه تنطبق عليه أكثر النظرية القائلة بأن الناجح في العمل تعيس أو غير موفق في حياته الخاصة؛ فقد تزوج "الأميرة دلال"ابنة عمه في عام 1976 عندما كان في الحادية والعشرين من عمره وكانت تكبره بعامين، وانجب منها ولديه "خالد" و"ريم" ولكن بعد مضي ثماني عشرة سنة على الزواج وقع الطلاق بينهما عام 1994، بعد وقت غير طويل على توقيع الوليد على الصفقة المهمة مع ديزني للحصول على حصة كبيرة في يورو ديزني فبينما كان الأمير كما في "القصص الخيالية" يركب على حصانه لانقاذ "ميكي ماوس"، كان الوليد وأميرته يسيران باتجاه نهاية مخالفة لنهايات "القصص الخيالية".
وفي أعقاب الانفصال عن الأميرة دلال، بقى الوليد عازبا لمدة سنتين لكن في العام 1996 تزوج مرة أخرى وسرعان ما أصبحت "الأميرة إيمان السديري" إلى جانبه، وهذه المرة لم يقدر للزواج أن يدوم أكثر من سنة واحدة وبدا تقريبا أن هذا الزواج بدأ وانتهى بلا ضجيج.
وفي عام 1999 قرر الوليد أن يعيد الكرة، وكانت هذه المرة "الشابة الفاتنة خلود" هي التي استرعت انتباهه؛ فكانت في الثانية والعشرين أي أكبر من ابنه خالد قليلا عندما انضمت إلى الدائرة الملكية لتصبح الأميرة خلود، ولكن يبدو انها لم تستطع التأقلم مع نمط حياة الأمير السريع جدا لينتهي هذا الزواج أيضا في عام 2004.
ويقدم الأمير تقييما صريحا وشيئا من الاعتراف عندما قال
:"اعتقد انني لعبت دورا كبيرا إلى حد ما في عدم نجاح الزواجين الأخيرين، وربما تمنعني طريقة تنظيمي الدقيق وطريقة تقدم حياتي من الزواج مرة أخرى".

ثم ينتقل بنا الكتاب إلى جانب آخر من شخصية الوليد وهي علاقته بالله وبدين الإسلام، وكيف أنه يواظب على الصلاة في مواعيدها أيا كان في أية مكان في العالم سواء على الأرض أو في الجو أو البحر؛ فتدخل الصلاة في جدول مواعيده في البيت أو على الطريق أو في أي ركن من أركان العالم، بل إن فريق سفره يدرجان ورقة تشير إلى مواعيد الصلوات المختلفة عندما يوزعان الجدول اليومي أثناء الرحلات الخارجية، ويذكر الأمير احدى المواقف التي مرت به وكيف انه عندما كان في لبنان انقطع عن الصلاة ثلاثة أشهر ولكن اعتراه الخوف فجأة بحيث استيقظ في احدى الليالي فجأة وقرر أن يصلي ما فاته في التسعين يوما، لذا صلى 450 صلاة في ليلة واحدة وبعد ذلك لم تفته صلاة قط، ويضيف أن معتقداته الدينية أبقته على الأرض قائلا:" أنه أحيانا تفكر في أنك فوق السحاب لكن عندما تصلي وعندما تسجد على الأرض وعندما تتفاعل مع الناس تعرف وتتذكر أنك إنسان في نهاية المطاف وأن الله أنعم عليك بالكثير من الأشياء

ويرسى بنا الكتاب في النهاية بعد هذه الرحلة الطويلة التي دامت على مدار 400 صفحة في مكان لا يستطيع الأمير ان يستغنى عنه وهو المكان الذي يشعر فيه الأمير الوليد بن طلال بارتياح كبير وهو المخيم الخاص به في الصحراء الذي يقع على بعد ساعتين بالسيارة خارج مدينة الرياض ويذهب اليه الوليد لقضاء عطلة نهاية الأسبوع دائما، ويعبر الكاتب عن دهشته بأن هناك ثمة تناقض صارخ عند مشاهدة هذا الرجل وهو من بين أغنى الرجال وأقواهم وأحد أكثرهم صلات وعلاقات وهو يجلس وسط رجال الصحراء البسطاء على الأرض إلى جانب الجمال والجياد والصقور المحيطة بالخيام، ويعبر الوليد عن حبه لهذا المكان قائلا
:"في النهاية، هذا هو المكان الذي نشأ فيه أسلافي وجدي ووالدي لذا اعتقد انني أعود إلى جذوري بالغريزة أو بالحدس وأشعر كأنني في منزلي عندما أكون في الصحراء، وهي مهمة جدا بالنسبة إلي عندما اتخذ قرارات استراتيجية، وسواء أكانت مهنية أم شخصية أم تتعلق بالأعمال، الصحراء مهمة جدا، وبخاصة عندما أسير واتأمل.

وينتهي الكتاب بعبارة الكاتب المثيرة للتساؤلات قائلا:"يلزم وقت طويل لاستيعاب الصورة الكاملة للأمير، لكن حتى عندئذ لن تبوح تلك الصورة بكل مكنوناتها ولا يمكنها ذلك؛ فقصة الوليد: رجل الأعمال والملياردير والأمير – السياسي؟!- قد تكون في بداياتها"

ليست هناك تعليقات: